العقل الاستثنائي للمقاومة

 

إدارة الحرب ومعارك الاستنزاف، إدارة التفاوض مع الاستفادة القصوى من ورقة الأسرى، تأمين الجبهة الداخلية منعا لأي اختراق كما حدث مؤخرا، رصد جنود الكيان وتحركاته لتقسيم القطاع وصناعة جيوب تابعة له، مواجهة خطط أمريكا والكيان وأتباعهما من العرب لإخضاع غزة.

أيَ عقل هذا، وأيَ طاقة تحمل هذه، يدير العقل المقاوم الصراع ويخوضه على عدة جبهات مستنزفة، وفي ساحة وغى مليئة بالألغام، ويتعامل مع الضغوط الداخلية والخارجية الرهيبة، والتحدي الأكبر هو الموازنة بين الممكنات والحقائق على الأرض.

المعركة ممتدة في قطاع غزة، وإن كان التركيز على الجنوب في الفترة الأخيرة، تغيير الإستراتيجية القتالية واستنزاف العدو بكمائن وعمليات نوعية، والحفاظ على المخزون القتالي، والتحكم والسيطرة، عسكريا ومدنيا.

وسياسة التجويع أرهقت الحاضنة الشعبية، وصبرها وصمودها الأسطوري، وتحتاج لإغاثة مستعجلة ولمساعدات تسد الرمق، وتحدي توزيع المساعدات ومواجهة حالات النهب والسلب لإثارة الفوضى والبلبلة واستهداف القيادات الأمنية المسؤولة عن تأمين القطاع وحاجياته.

وضغط الأسرى الإسرائيليين، الورقة الأقوى التي تحوزها المقاومة في عملية التفاوض ولا تملك غيرها، وحياتهم تحدَ كبير، فهي الصداع الأكبر الداخلي لنتنياهو، والمحرك الأقوى للجمهور المعارض له والمطالب بتنحيته، والمقاومة تستثمر الانقسام الداخلي لدفع حكومة الاحتلال للرضوخ لشروط المقاومة وإمضاء فقة تبادل الأسرى ووقف العدوان، فالمقاومة بورقة الأسرى تشحن الوضع الداخلي للكيان وتزيده اشتعالا وتصدعا.

ثم التناغم بين قيادة الداخل والخارج، خاصة في ملف التفاوض، والحفاظ على التماسك الداخلي وروح الانضباط، وحتى الآن لم يظهر أي تصدع داخل قيادة المقاومة، ولا حالة من حالات التنازع والتناحر، وهذه سابقة نادرة في تاريخ الثورات وحركات التحرر الوطني.

العقل الإستراتيجي المقاوم يدير المعارك على كل هذه الجبهات، ويواجه هذا الكم الهائل من التحديات والضغوط، الداخلية والخارجية، من دون أن تظهر عليه علامات وقرائن الإنهاك والاستنزاف والتراجع.

وأحدنا في مواجهة صعاب وموانع سياسية يريح عقله السياسي ويقطع بالعجز، ويكتفي بالوصف والتفرج، وينهي تملصه بإغلاق الباب دونه ورفع الملامة والعتاب عنه.

غزة حجة الله على القاعدين والكسالي والبكائين على الأطلال، على من أغلق دونه الباب بحجة: الساحة مُغلقة، على من عجز حتى على إدارة جبهة صراع واحدة، على من أراح عقله واكتفى بالتوصيف والتفرج، على من لم ينوع المسارات ويستغل الثغرات للإعداد لما هو قادم، على من لم يتحرك بما يقدر عليه وفي حدود الممكن.

الرسائل الإخبارية

للاطلاع على آخر مقالات "موقع الندوة"، نرجو الاشتراك في خدمة جديد الندوة التي تصل إلى بريدكم الإلكتروني مباشرة من الموقع.