فزاعة "التهديد" الإيراني

 

- تشير أكثر التحليلات إلى أن إيران ستُبقي ردَها على إسرائيل مُقيَدا ومحدودا.

- نتنياهو يستغل "التهديد" الإيراني لإشغال الإسرائيليين بخطر خارجي مبالغ به.

 - مفهوم الردع يتراجع إسرائيليا منذ حرب لبنان 2006، وانكسر في نظر كثير من المراقبين بعد السابع من أكتوبر، وتوجيه ضربة لإيران غير مباشرة بنكهة المباشرة، يُراد منها الإيهام، داخليا وخارجيا، بأنها (إسرائيل) الأخطر على الإطلاق.

- ما هو أبعد من مجرد بحث نتنياهو عن مخرج لحربه على غزة: التخلص من مستنقع ما بعد السابع من أكتوبر، وعدم تحقيق إنجازات واضحة في أيٍ من الجبهات المشتعلة، وذلك بتوجيه ضربة قوية مباغتة تنتظر بعدها إسرائيل رد الفعل، لأن رد إيران سيعيد الاصطفاف العالمي خلف إسرائيل، وإن لم ترد تكون بذلك إسرائيل قد اختبرت إيران في ردعها، وكشفت عن تآكله.

- محاولة توحيد ما تبقى من صفوف وتيارات متناحرة في إسرائيل تحت فزاعة التهديد الخارجي، مع العلم أن مراقبين إسرائيليين يرون أن التهديد الداخلي الذي يواجهه الاحتلال، من انقسامات وتصدعات، أكبر من أيَ تهديد خارجي.

* تساؤلات:

لنفترض أن إيران وجدت بطريقة أو بأخرى أسلوبها الانتقامي الذي ينهي الجولة الحالية من الرد الهجومي مع إسرائيل.

من المحتمل حدوث جولة مستقبلية من تصعيد الهجوم والرد لسبب واحد بسيط، وهو أن إسرائيل عازمة على إزالة تهديد شبكاتها الممتدة من حدودها المحتلة أسباب عديدة (بما في ذلك منع 07 أكتوبر آخر).

وهذا يعني حملات ضد حزب الله في لبنان ومنطقة السيطرة في سوريا بعد حرب غزة، لتجفيف منابع التهديدات. ويهدف حزب الله، جزئيا، إلى أن يكون رادعا إيرانيا ضد أي هجوم إسرائيلي على إيران. 

لذا يصبح السؤال: هل تتراجع إيران في مواجهة الهجمات الإسرائيلية المستقبلية الأكثر عدوانية ضد أفرادها في الخارج وتفكيك منطقة الردع الخاصة بها؟

إذا كانت الإجابة "لا"، فيتعين على إيران الرد في مواجهة هجوم إسرائيلي أكثر عدوانية، مما يستلزم دورة تصعيدية تتطلب منها رفع مستوى الرهان، واستعمال صواريخها الأكثر تطوراً.

إذا كانت الإجابة بنعم، فسوف تتراجع إيران، وهذا يعني أن إحدى الركائز الأساسية لصيغة الردع التي تتبناها مُعرضة للتآكل، مما يجعلها أكثر عرضة للخطر مما هي عليه اليوم وتفكر في ضرورة الاختراق النووي.

* خيارات محدودة:

لدى إيران خيارات محدودة على الطاولة. وربما ما تواجهه اليوم هو من أصعب وأعقد الخيارات منذ ثورة الخميني. وقد يكون هذا أحد الأسباب التي تجعل الأمر يستغرق وقته مع إغلاق نافذة الانتقام، وهي تتطلع إلى تقديم "ردَ مدروس وغير متهور":

- الصواريخ الباليستية هي الرادع الإستراتيجي الرئيسي لإيران.

- السَير على سلم التصعيد، وعدم تجاوز العتبة التي تؤدي إلى ضربات مضادة لإسرائيل على الأراضي الإيرانية.

- تجنب الردَ الضعيف المهزوز أو الفاشل، وهذا لن يبعث برسالة قوية فيما يتعلق بالردع.

وقد أدى هذا، وغيره، إلى تقليص خيارات إيران سواء من حيث المواقع المستهدفة والأسلحة أو طبيعة الرد.

- لسنوات عديدة، اعتبرت إيران وكلاءها (وخاصة حزب الله) بمثابة رادع ضد أي ضربة إسرائيلية على منشآتها النووية.

وفي هذه الأثناء، تستعد إسرائيل للتعامل مع الهجوم المحتمل:

- طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي تقوم بدوريات جوية على طول الحدود الشمالية والشرقية والجنوبية.

- استمرت عمليات الخداع المكثفة للشبكة العالمية لسواتل الملاحة (GNSS) من قبل إسرائيل منذ أيام.

- وفي الوقت نفسه، قامت الولايات المتحدة بنقل مجموعتها الهجومية الحاملة إلى البحر الأحمر مما يعني أنه يمكن استعمال صواريخ إيجيس SM-6 ضد الصواريخ الباليستية.

 * خلاصة:

- كلما كان هناك أي شيء يتعلق بإيران وإسرائيل، تمتلئ المنصات بأخبار مشبوهة نقلاً عن مصادر وهمية مع تقارير متضاربة من كلا الجانبين تناسب رواية كل منهما.

- في مثل هذه الحالات، ينبغي الرجوع إلى المنطق والحسابات الإستراتيجية والمخاطر والاتجاهات والخبرات التاريخية.

- وغالبا ما تميل إيران ووكلاؤها إلى الحديث عن ضربة كبيرة قبل الردَ، ثم الاحتفال بالانتقام أكبر بكثير من حيث الشدة والنطاق مما عليه في الواقع.

- والحديث الآن، إيرانيا، عن ضربة محدودة ودقيقة وأشد من سابقاتها. 

- ومع ذلك، من المرجح أن تتفاوض إيران بشأن الخطوط الحمراء مع القوى الأجنبية لمحاولة التوصل إلى رد يكون أكثر من رمزي دون إثارة حرب. والولايات المتحدة، في النهاية، قادرة على نزع فتيل التوتر والتصعيد.

- الهدف الحقيقي لإيران في هذه المرحلة هو ردع المزيد من الهجمات الإسرائيلية، وليس صراعًا أكبر يساعد نتنياهو على صرف الأنظار عن غزة.
 

- بعد 7 أكتوبر، يبدو الوضع القديم غير قابل للاستمرار بالنسبة لإسرائيل.

- لن تصبح الحملات/الحروب الإسرائيلية الرامية إلى تعطيل قوة الردع أسهل بمرور الوقت، بل على العكس من ذلك.

- وربما يكون هذا أحد الأسباب (من بين أسباب أخرى) وراء استيعاب إيران، في الغالب، للهجمات الإسرائيلية وعدم رغبتها في مواجهتها مباشرة: لا يزال بإمكان إسرائيل إلحاق أضرار جسيمة بها، لكنها تشعر بمرور الوقت بالضعف العسكري. وسوف تستمر الفجوة في التقلص. ولهذا، تحاول إسرائيل منذ فترة طويلة جر الولايات المتحدة إلى حربها مع إيران.

الرسائل الإخبارية

للاطلاع على آخر مقالات "موقع الندوة"، نرجو الاشتراك في خدمة جديد الندوة التي تصل إلى بريدكم الإلكتروني مباشرة من الموقع.