معضلة حكومة نتنياهو...الردَ أم الاحتواء؟

يريد جزء من الحكومة الإسرائيلية الرد على طهران بأي ثمن، على الرغم من تحذيرات الولايات المتحدة، التي تخشى اندلاع حريق إقليمي. وما زالت إسرائيل لا تعرف كيف تستعيد قدراتها الرادعة، بعد ستة أشهر من الحرب المدمرة على غزة، وحملة من الضربات المكثفة في لبنان وسوريا لم يسبق لها مثيل منذ عقد من الزمان. وأبدى حلفاؤها الغربيون هذه الملاحظة المثيرة للقلق، حتى قبل الهجوم الإيراني الأخير. 

ويضع هذا الهجوم حكومة بنيامين نتنياهو في طريق مسدود. ولا يمكن لإسرائيل الرد على الأراضي الإيرانية دون المخاطرة بالتصعيد، وهو ما ترفضه راعيتها الأميركية بكل قوة، خوفاً من حرب إقليمية.
 
وإذا لم تردَ، فهذا يسمح لإيران بوضع معيار جديد: فقد أصبح من الممكن الآن توجيه ضربات صاروخية باليستية مباشرة، رداً على الهجمات الإسرائيلية ضد مصالحها.
 
في مواجهة هذه المعضلة، يماطل بنيامين نتنياهو. ويبدو أن المحادثة الهاتفية مع رئيس الولايات المتحدة، جو بايدن، حوالي الساعة 2:30 من صباح الأحد، قد صدّت الرد الذي اقترحت إسرائيل أنه سيكون فوريًا وواسع النطاق.
 
تراكمت في الصحف، اليوم الأحد، تسريبات منسوبة لكبار مسؤولي الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، تشير إلى تخوفهم من الجدل الذي يوصف بالتحريض على الحرب داخل الحكومة منذ أيام. وأعرب هؤلاء الضباط عن تخوفهم من الرد المتسرع وغير المدروس على الضربات الإيرانية، دون التقليل من أهميتها. وأعربوا، بشكل عام، عن أسفهم لغياب أي رؤية سياسية في هذه الحرب على جبهات متعددة.
 
ويخشى الحليف الأمريكي من جهته أن ينجذب رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى توسيع الحرب في غزة إلى صراع إقليمي، وهو الذي حاول مجدداً نهاية 2020 إقناع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لشن ضربات خلال الأشهر الأخيرة من ولايته ضد المنشآت الباليستية والنووية الإيرانية.
 
ويتعرض نتنياهو إلى ضغوط هائلة من قبل حلفائه من اليمين الديني المُستبعدين من الدائرة الضيقة في مجلس الوزراء الحربي. 
 
إيران وإسرائيل هما الآن الطرفان الرئيسيان في المنطقة، وربما نشهد مرحلة جديدة من المواجهة الإسرائيلية الإيرانية، وقد نتوقع المزيد من جولات الهجمات المباشرة في المستقبل. إذ تريد إسرائيل توازنا، حيث تكون لها الحرية في ضرب إيران دون المخاطرة بالانتقام داخل الكيان. وتريد إيران توازنا، حيث لا تستطيع إسرائيل ضرب إيرانيين دون المخاطرة بالتعرض للضرب. 
 
لكن، أيَا ما كان، يبدو أن إسرائيل خسرت الحرب والردع الإستراتيجي: فإذا هاجموا رفح، فسوف يتعرضون إلى نزيف إستراتيجي. وإذا هاجموا لبنان، فسوف يتكبدون خسارة إستراتيجية. وإذا هاجموا إيران، فسوف يواجهون ندَا إستراتيجيا. وإذا لم يفعلوا أي شيء فسوف يواجهون إذلالا إستراتيجيا.
 

الرسائل الإخبارية

للاطلاع على آخر مقالات "موقع الندوة"، نرجو الاشتراك في خدمة جديد الندوة التي تصل إلى بريدكم الإلكتروني مباشرة من الموقع.