وانتصرت المقاومة

 

أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم، سحب قواته البرية من مناطق واسعة في قطاع غزة، وانسحاب الفرقة 98 من خانيونس بعد 4 أشهر من القتال.

ولم يتبق الآن سوى لواءين فقط في غزة، بعد أن كان العدد الأقصى 20 لواء من أصل 23 كتيبة عملت في غزة. والجزء الوحيد من غزة الذي لا تزال إسرائيل تحتله حتى الآن هو ممرَ "نتساريم".

يأتي هذا الانسحاب في 7 أبريل بعد ستة أشهر من عملية 7 أكتوبر. وتنتهي آخر ليلة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في خانيونس بمجزرة حقيقية في جنوده، تعلن المقاومة فيها قتل 14 جندي وضابط إسرائيلي.

وبهذا الانسحاب يكون الجيش قد بلغ ذروة أعماله العسكرية في القطاع، وليس أمامه سوى ورقة الضغط الأخيرة، رفح، التي يلوح بها تهديدا.

وبعد هذا الانسحاب وقد عجز الجيش عن تحقيق أي من أهدافه المعلنة للحرب حتى الآن، تصبح تهديداته بالهجوم على "رفح" بلا قيمة حقيقية.

ولأول مرة منذ بداية الحرب، انسحاب كامل لجيش الاحتلال من قطاع غزة، وبقي هناك لواء واحد به بضع مئات من الجنود وظيفته منع عودة سكان الشمال إلى بيوتهم.

*ملحمة خانيونس

تخيل أن خان يونس، التي جعلت الجيش الإسرائيلي يعيش الجحيم خلال الـ 24 ساعة الماضية، دخلتها قبل أربعة أشهر 8 ألوية أي ما يعادل 40 ألف جندي ضد بضعة آلاف من المجاهدين. وفي كل شهر، يدخل لواء بعد لواء، وفرقة بعد فرقة، مع قصف جوي ومدفعي يومي.

بعد أكثر من مائة يوم من الدمار والقتل والإرهاب والإبادة، تخرج خان يونس لتجلب لنا أخبار الكمائن التاريخية شرق وغرب المدينة العظيمة. 

القضاء على 14 جنديا إسرائيليا من مسافة قريبة، وقُتل في المجمل 21 عسكريا!

 * عبقرية المقاومة

وفي هذا اعترف الكاتب الإسرائيلي آلونْ مزراحي، بقوله:

ما أصبح أكثر وضوحا في هذه اللحظة التاريخية الفريدة هو أن حماس، وهي حركة فلسطينية صغيرة، لم تهزم إسرائيل فحسب، بل الغرب برمته.

لقد انتصرت في ساحة القتال، وانتصرت في معركة كسب الرأي العام. تمكنت من الاستفادة بشكل مذهل من قراءتها للعقلية الإسرائيلية، واستعملت كل ما لديها بكفاءة عالية.

لقد كسبت القلوب والعقول للقضية الفلسطينية في جميع أنحاء العالم.

لم يتم تدميرها أو تفكيكها، واحتفظت تقريبا بكل أسير طيلة 6 أشهر. ولم تستسلم لأي ضغوط. وظلت فعَالة وفتاكة، في قطاع صغير محاصر ومُدمر.

سيحكم التاريخ على الأشهر الستة الماضية باعتبارها واحدة من أكثر الإنجازات عبقرية، ولا تصدق في التاريخ العسكري كله. وهذا أبعد من أن يُسبر غوره.

ومن خلال شن هذه الحرب بهذه الطريقة، ومن دون تفكير أو إحساس، جعلت إسرائيل من حماس أسطورة المقاومة التي ستعيش في الذاكرة التاريخية على مر العصور.

ولم يصدق أحد أنهم قادرون على تحقيق ذلك. لكنهم فعلوا. وغيروا التاريخ إلى الأبد. لن تعود فلسطين إلى الظل مرة أخرى. انتصرت حماس.

الرسائل الإخبارية

للاطلاع على آخر مقالات "موقع الندوة"، نرجو الاشتراك في خدمة جديد الندوة التي تصل إلى بريدكم الإلكتروني مباشرة من الموقع.