انكشاف الصهيونية...غزة تتحدى الإستراتيجية الأمريكية
- التفاصيل
- بواسطة الكاتب: خالد حسن
- الزيارات: 250
ما فعلته المقاومة في غزة ليس بالأمر الهيَن، تحدَت الهيمنة والإستراتيجية الأمريكية للسيطرة على المنطقة. إسرائيل هي الركيزة الأساسية للولايات المتحدة في المنطقة والأداة الرئيسية في مشروع الإخضاع والهيمنة، والقاعدة العسكرية المتقدمة التي لا يُستغنى عنها.
وضربُ هذه الركيزة (إسرائيل) وإضعافها يُربك إستراتيجية واشنطن في ضمان استتباع المنطقة للسياسات الأمريكية، وترى فيه تهديدا لمصالحها، ولهذا تحمست للقضاء على المقاومة، وأنفقت المليارات على الحرب الإسرائيلية، لكن في الأخير وجدت نفسها عالقة بلا حسم. ودخل الكيان الصهيوني متاهة لا يعرف حتى هذه اللحظة كيف يخرج منها، وقد يكون هذا بداية انحداره وتصدعه ولن يتمكن من استعادة "هيبته" ولا وضعه السابق.
وربما أدركت بعض العقول الأملايكية المستقلة، بعد الهزيمة الإستراتيجية للكيان في غزة، أن حروب الكيان استنزاف لمواردها وعبء على مصالحها، وأن المحافظة على تفوقه النوعي وسيطرته أصبحت مكلفة وصارفة عن اهتماماتها الإستراتيجية الأخرى في المحيطين الهادي والهندي. لكن الطبقة السياسية الحاكمة والمالية المتنفذة ما زالت ترى في الكيان الصهيوني أداة فعَالة في سياسة الهيمنة، وفي قلب إستراتيجيتها للتحكم والسيطرة.
واستسلام النخب الحاكمة للرواية الصهيونية وإغوائها، وهذا منذ عقود، لم يطرأ عليه أن تبدل حتى الآن، والرهان، حسب مراقبين، على الجيل السياسي الشبابي القادم، ممن تمرد على سردية الآباء والأجداد، ويرفض، إجمالا، الهيمنة الصهيونية وتحكمها في السياسة والإعلام. وربما ظهر للكيان الإسرائيلي، لأول مرة في تاريخ الاحتلال، أن تحالف النخبة الطلابية الأمريكية، وكثير منهم يهود، مع الكيان الصهيوني المحتل ليس مضمونا. ورهانهم الأكبر على النخبة السياسية التقليدية الحاكمة، وأما المستقبل فشكوك فيه، وقد يخسروه.
وهنا، يتحدث محللون عن تعذر التغيير من الأعلى إلى أسفل، لكنهم يراقبون باهتمام ما يحدث في الشارع والمجتمع الأمريكي، خاصة الشباب من الحزب الديمقراطي، وتمرد الطلبة والحركة الاحتجاجية من تحولات وتغيَر في المزاج والموقف ضد السيطرة الصهيونية.
ربما أمكن القول إن الحركة الاحتجاجية الطلابية في أمريكا، اليوم، هي أضخم وأجرأ تحرك شبابي مناهض للصهيونية في تاريخها. والملاحظ، في هذا السياق، أن ازدراء الصهيونية وفضحها هو الخطاب السائد اليوم، ومناهضة الصهيونية هو في قلب التمرد الطلابي اليوم، هذا مرعبٌ جدا للحركة الصهيونية، لم تعهده من قبل. وما عاد للإعلام المتصهين تأثير في تشكيل العقل الشبابي، ولا نفوذ له على الوعي الجمعي، وكان لحضور الإعلام البديل، وسائل التواصل، التأثير الأبرز في بناء سردية جديدة لجذور الصراع على أنقاض السردية الصهيونية التأسيسية.
وحتى رؤية هذا الجيل الشبابي المتمرد والحركات الاجتماعية الصاعدة للنخبة السياسة وطبقة الحكم، اهتزت، وغلب عليها التشكيك والازدراء والتكذيب لروايته للصراع، ومعركة "طوفان الأقصى"، وما بعدها، والحرب الصهيونية الهمجية من دون رادع، والصمود الأسطوري للحاضنة الشعبية في غزة، أحدثت صدمة كبيرة في وعي الشباب الديمقراطي (التيار التقدمي) في أمريكا، وأشعل هذا روح التمرد لديها، وحرَك انتفاضتها على الغطرسة الصهيونية.