قال "يسرائيل كاتس" للصحفيين في عام 2017: "أريد إحياء خط السكة الحديد الحجازي"، مستشهداً بخط السكك الحديدية الذي بنته الإمبراطورية العثمانية منذ قرن من الزمان، والذي يربط مدينة حيفا الساحلية الفلسطينية بدمشق وعمان والمدينة النبوية، وبهذا يتم محو الفلسطينيين بذريعة التجارة وسلاسل التوريد المتغيرة.
وبعد مرور ست سنوات، طُرحت هذه الخطط مرة أخرى، وإن كان على نطاق أوسع، في محاولة لإعادة هندسة وتصميم سلاسل التوريد.
وفي قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، قالت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إنهما يؤيدان خطة لبناء ممر اقتصادي يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا.
ويهدف خط النقل، الذي يطلق عليه اسم الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، أو IMEC، إلى إنشاء خطوط شحن جديدة بين الهند والإمارات ونظام سكك حديدية للشحن يمر عبر الإمارات والسعودية والأردن والكيان المحتل، من حيث يمكن شحن البضائع إلى أوروبا.
ومع أن منطقة "الشرق الأوسط" ليست غريبة عن مشاريع البنية التحتية الضخمة، فإن كثيرا منها يفشل عادة عندما يصطدم بالواقع الاقتصادي والجغرافي السياسي.
لذا فإن تعليقات الوزير الإسلاائيلي "كاتس"، الذي عاد الآن وزيرا للمواصلات في حكومة بنيامين نتنياهو، تؤكد كيف أن بعض هذه الخطط تدور حول المنطقة لسنوات دون أن تتحقق.
وربما كان ممر العبور، هذا، أشبه بحلم بعيد المنال قبل عقد من الزمن، فإنه تتويج لاتفاقيات إبراهيم مع تحولات إعادة التشكيل السياسي والاقتصادي في المنطقة، حيث اكتسب لاعبون جدد مثل الصين والهند بسرعة مستويات جديدة من القدرة على الحركة والتنقل والنفوذ، أثار كل هذا مخاطر كبيرة لنجاح مثل هذا المشروع.
ويأتي نفوذ الصين المتنامي في وقت تتطلع فيه الهند، وهي واحدة من أقرب حلفاء إسرائيل، إلى فرض نفسها على الساحة العالمية، باعتبارها قوة اقتصادية ومركزا للجنوب العالمي.
ومع نمو العلاقات الاقتصادية بين بيكين والعواصم الخليجية، تشق الصين طريقها إلى مجالات أكثر حساسية، مما يثير أجراس الإنذار في واشنطن.
ويبدو أن مشروع ممر IMEC صُمَم لتكون الهند محطة إمداد مهمة للغرب، بديلا للصين أو منافسة لها. وتحظى نيودلهي بمستوى غير عادي من الاهتمام في واشنطن بسبب التوترات مع الصين.
وقال بيتر فرانكوبان، خبير طرق التجارة العالمية في جامعة أكسفورد: "يبدو ممر IMEC وكأنه مزيج من الوعود والمثالية والبحث عن سرد"، مضيفا: "إن الشرق الأوسط يتصل دائما بأوروبا وسيظل دائما متصلا به؛ لكن فكرة ارتباط الهند بالبحر الأبيض المتوسط تبدو أقرب إلى دبلوماسية الاستعراض أكثر من أي شيء جديد وموضوعي".
ويشكك بعض المراقبين في أن هذا المشروع من شأنه أن يجعل الهند مركزا أكثر جاذبية للتكنولوجيات الحساسة بعيدا عن الصين. ومع أن المشروع لم يبدأ بعد، فقد أثار غضب القوى الإقليمية الأخرى التي ترى نفسها بمثابة جسور طبيعية بين الشرق والغرب، مثل تركيا.