وتشير بيانات استطلاعات الرأي الصادرة عن معهد "أغام" إلى أن حوالي 60% من اليهود الإسرائيليين يعارضون السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. أي أن 60% من اليهود الإسرائيليين يعتقدون أن جميع سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة يجب أن يموتوا من الجوع.
ومشكلة إسرائيل لا تكمن في هامشها المجنون، كما قال الكاتب الناقد "جدعون ليفي" في وقت سابق من هذا الأسبوع: "مشكلة إسرائيل هي التيار السائد فيها".
وبالنسبة لمعظم اليهود، الخدمة في الجيش الإسرائيلي إلزامية. إنها ليست إلزامية فحسب، بل إنها طقوس نقدسة، وحقيقة من حقائق المواطنة اليهودية، وجزء أساسي من هوية الفرد باعتباره يهوديًا إسرائيليًا، وتمتد، في كثير من الحالات، إلى ما هو أبعد من مرحلة المراهقة.
يستمر عديد من اليهود بعد 3 سنوات من الخدمة المطلوبة، ويستمر كثير منهم في الخدمة الاحتياطية الإلزامية حتى منتصف العمر.
لكن هناك مشكلة أعمق من الدعاية والخدمة العسكرية الإلزامية، والمشكلة تكمن في جوهر فكرة الدولة اليهودية، وهي أن دولة إسرائيل وجيشها، كونها دولة يهودية وجيشا يهوديا، يهدف إلى حماية اليهود، وخدمة المصالح اليهودية وضمان رفاهية اليهود.
وهكذا، إذا كان هناك يهودي واحد محتاج، فيجب على الدولة اليهودية وجيشها أن يحاولوا إنقاذهم. لكن ماذا لو أن هناك أكثر من 100 إسرائيلي (تحت الأسر) محتاج؟ إذن، لم يعد ثمة أمن، وجيش الكيان عاجز عن إنقاذ "مواطنيه"، والمجتمع الإسرائيلي يفقد الثقة، تدريجيا، في جيشه ومستقبل كيانه.
وبهذا، وصل منطق الدولة اليهودية والالتزام بضمان الأمن اليهودي فوق كل شيء إلى وجهته النهائية: الدعم الساحق للإبادة الجماعية، وليس ثمة منطق آخر بعد هذا، ولا تفكير ولا مستقبل خارج السحق الجماعي.