قراءة في زيارة أردوغان إلى مصر

- المصافحة الدافئة والسجاد الأحمر في مطار القاهرة وحرارة الاستقبال، واستئناف العلاقات بين تركيا ومصر وتعيين السفراء في صيف 2023 وزيارة أردوغان التاريخية أمس للقاهرة، لن تزيل العقبات التي تراكمت خلال عقد وخلفت قطيعة بين أردوغان والسيسي.
 
- حسب مراقبين، يريد أردوغان الدخول إلى مجال التأثير السياسي والدبلوماسي والاستخباري في القضية الفلسطينية، والإسهام في التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المخطوفين وتحقيق وقف لإطلاق النار. نظريا، يمكن لأردوغان أن يقتحم هذا المجال الذي جعلت مصر حكرا عليها، ولم تفرض نفسها عليها إلا قطر لاحتضانها للقيادة السياسية للمقاومة ودعمها المستمر لغزة.
 
الوضع الإستراتيجي المُقدر لتركيا لا يعطي أنقرة حاليَا موطئ قدم حقيقي في المعركة المشتعلة في المنطقة الآن، وتزداد المخاوف باحتمال توسع نطاقها. وخلافا لمصر، فإن النفوذ السياسي التركي يمتدَ إلى ما هو أبعد من منطقة "الشرق الأوسط".
 
- ولا يبدو أن الرئيس المصري مُستعدَ الآن لضم تركيا شريكة فعالة في المفاوضات السياسية والتأثير في مرحلة ما بعد الحرب على غزة. فهو نفسه يتنافس مع قطر على احتكار إدارة الاتفاق مع المقاومة، ويحارب ضد ما يعتبره تهديد غزة للأمن القومي المصري، ومواجهة التدفق الكبير لأكثر من مليون غزي نحو شبه جزيرة سيناء، إذا بدأت العملية العسكرية الواسعة في رفح، وضمن ذلك سيطرة إسرائيل على محور فيلادلفيا، وتتباين رؤيتها للقضية الفلسطينية ومستقبل غزة.
 
- ولا يمكن الإغفال، هنا، إلى أن القضية الفلسطينية تسببت في القطيعة بين إسرائيل وتركيا في العام 2010 عندما انطلقت القافلة التركية في محاولة لفك الحصار الذي فرضته إسرائيل على القطاع، وعززت في الوقت نفسه التعاون العسكري والسياسي بين إسرائيل ونظام السيسي في مصر، وحصار غزة وخنق المقاومة، ورغبتهما في التخلص من المقاومة.
 
- صحيح أن الرئيس أردوغان تعهد في 2014 بأنه لن يصافح السيسي يوماً ما. ولكن الظروف الجغرافية السياسية تغيرت. الضغط الاقتصادي تغلب على الاعتبارات الأيديولوجية، وتركيا تصالحت مع السعودية والإمارات، واستأنفت علاقتها مع إسرائيل، وفي نهاية المطاف أيضاً مع مصر التي كانت آخر من استأنف العلاقات معها.
 
- الشك المتبادل بين تركيا ومصر لم يتبدد، لكن ربما يريان أن الفرص الاقتصادية كبيرة. حجم التجارة بين الدولتين وصل في السنة الماضية إلى 8 مليار دولار، منها 4 مليارات تصدير مصري إلى تركيا، التي أصبحت الزبون الأكبر للغاز المصري. أكثر من 30 شركة كبيرة في تركيا تعمل وتستثمر في مصر وتشغل حوالي 70 ألف عامل مصري.
 
- وهذا الأسبوع نُشر أيضاً بأن مصر ستشتري مسيرات قتالية من تركيا – تركيا تحظى بشروط استثمار مريحة جداً في مصر وتستفيد من قوة العمل الرخيصة، إذ إن أجرة العامل في مصر ثلث أجرة العامل التركي.

الرسائل الإخبارية

للاطلاع على آخر مقالات "موقع الندوة"، نرجو الاشتراك في خدمة جديد الندوة التي تصل إلى بريدكم الإلكتروني مباشرة من الموقع.