هل يريد بوتين التفاوض مع الغرب حول أوكرانيا؟

 

* هل يقترح بوتين التفاوض مع الغرب؟

كلا. لا بوتين ولا غيره من كبار المسؤولين الروس ينظرون إلى الغرب باعتباره نظيرا قادرا ومسؤولا على مناقشة القضايا الإستراتيجية، كما تفهمها روسيا. وحتى لو فاز ترامب في انتخابات نوفمبر القادم، فإن القيادة الروسية لا تراودها أي أوهام بشأن عجز الغرب عن التعامل عمليا مع روسيا، وخاصة فيما يتعلق بالنظر بجدية في مصالحها الإستراتيجية.

* لماذا، إذن، يواصل بوتين الحديث عن مفاوضات السلام؟

يستند موقف بوتين لاعتقاد مفاده أن روسيا لم تكن البادئة بالصراع، بل كان الغرب هو الذي استعمل أوكرانيا لمواجهة روسيا إستراتيجيا وعسكريا. وهو يحتاج إلى أن يكف الغرب عن إرسال الأسلحة، ودعم أوكرانيا، ومساعدة مقاومتها، ناهيك عن وقف الهجوم المضاد. بالنسبة لبوتين فإن "السلام" يعني وقف أوكرانيا لمقاومتها وانسحاب الغرب من كل الأمور المتعلقة بأوكرانيا.

* هل بوتين مستعد لوقف الحرب بنفسه؟

باختصار، نعم، ولكن في الواقع، هذا ليس مؤكدا. وإذا أدرك بوتين أن أوكرانيا تستسلم وتدرس شروط السلام الروسية (التي ترقى فعلياً إلى الاستسلام)، فقد يقلل بشكل كبير من العدوان العسكري والضربات. ولا يتمثل هدفه بالضرورة في احتلال أوكرانيا بأكملها، بل إرغامها على قبول الظروف السياسية والجغرافية السياسية التي تؤدي إلى نظام صديق لروسيا.

ومع ذلك، إذا استمرت أوكرانيا في المقاومة أو الهجوم المضاد، فإن بوتين مستعد ليس فقط لمواصلة العدوان، بل أيضا للتصعيد والاستيلاء على المزيد من الأراضي.

وعلى هذا، هناك حسابات إستراتيجية على المحك: كلما طال أمد مقاومة أوكرانيا، زادت مخاطر فقدانها للأراضي.

* هل أوكرانيا محكوم عليها بالفشل حتما؟

هذه هي وجهة نظر بوتين. ولكن لا يبدو أن أوكرانيا سوف تستسلم بعد أن تحملت كثيرا. وبمرور الوقت، قد تفكر في تقديم بعض التنازلات، كما هو الحال في دونباس أو شبه جزيرة القرم، ولكن الاستسلام بشروط بوتين يبدو غير وارد. ومن المرجح أن يكون هذا أقل من تطلعات بوتين. وهو يتصور وقف النزاع في أوكرانيا كما هو عليه الآن، ولا ينظر إلى الصراع باعتباره نزاعاً إقليمياً فحسب، بل باعتباره معركة ضد ما يعتبره مشروعا غربيا "مناهضا لروسيا" في أوكرانيا، ولكنه يُستبعد أن يحصل على ذلك.

* ما هو مسار العمل المتبقي؟

من الناحية الواقعية، لا يوجد حل عسكري فوري لردع روسيا. والعامل الرئيسي هنا هو مدة ولاية بوتين. ومن غير المرجح أن يتبنى خلفاؤه المحتملون، حتى الأكثر تشددا، النهج نفسه.

 ومن المحبط لبوتين أن أوكرانيا لن تقبل شروط السلام التي طرحها، وبالتالي فهو لن يفوز على النحو الذي يعتقد أنه لابد أن يفوز به. بالإضافة إلى ذلك، وخلافاً لبعض وجهات النظر، فإن الوقت المتاح لبوتين للمناورة ليس بلا حدود. وربما يتعين على إستراتيجية أوكرانيا أن تركز على تحمل هذه الفترة بأقل قدر من الضرر إلى أن تظهر حقبة "ما بعد بوتن".

الرسائل الإخبارية

للاطلاع على آخر مقالات "موقع الندوة"، نرجو الاشتراك في خدمة جديد الندوة التي تصل إلى بريدكم الإلكتروني مباشرة من الموقع.