قراءة في مواجهة الحوثيين

يرى الحوثيون أن الهجمات في البحر الأحمر جزء من مشروع سياسي أوسع يعود إلى عقود مضت. وهذا يعني أن النهج الأمريكي الحالي للردع والإضعاف من غير المرجح أن ينجح.

ولن يُردع الحوثيون لأنهم يريدون هذه المواجهة مع الولايات المتحدة. الحرب مفيدة للحوثيين لأسباب إقليمية ومحلية.

على الجانب الإقليمي، يسمح هذا الصراع للحوثيين بتلميع أوراق اعتمادهم المناصرة للقضية الفلسطينية، وهو ما يعزز شعبيتهم المحلية. ويظهر الحوثيون أيضا أهميتهم بالنسبة لإيران بالتصعيد مع الولايات المتحدة بطريقة تحمي طهران من الضربات الانتقامية المحتملة.

على الجبهة الداخلية، لدى الحوثيين سبب سياسي واقتصادي لمواصلة هذه الحرب مع الولايات المتحدة. ومن الناحية السياسية، يمكن للحوثيين استعمال هذا الصراع لتعزيز قاعدة دعمهم المحلية بثلاث طرق:

1- تحظى القضية الفلسطينية بشعبية كبيرة في اليمن.

2- يسمح الصراع مع الولايات المتحدة للحوثيين بإسكات الانتقادات الداخلية المتزايدة من خصومهم السياسيين المحليين. ولا ترغب أي جماعة محلية في أن تظهر معارضة للحوثيين عندما يقاتلون ظاهريا نيابة عن الفلسطينيين ضد الولايات المتحدة.

3- ربما الأكثر أهمية في حسابات الحوثيين هو الزاوية الاقتصادية. يسيطر الحوثيون على جزء كبير من المرتفعات اليمنية الشمالية، والتي تضم غالبية سكان اليمن. لكن ما لا يملكه الحوثيون هو قاعدة اقتصادية تسمح لهم بالحكم لسنوات قادمة. يمتلك اليمن مصدرين رئيسيين: النفط والغاز. وتتركز حقول النفط والغاز هذه في مأرب وشبوة وحضرموت ــ "مثلث الثروة" في اليمن ــ ولا يسيطر الحوثيون على أي منها.

يحاول الحوثيون الاستيلاء على مأرب منذ سنوات، وفي كل مرة يتم صدهم عن طريق مزيج من القوة الجوية السعودية والمقاومة القبلية المحلية. أحد أسباب تصميم الحوثيين على الاستيلاء على مأرب هو أن الجماعة تعلم أنها إذا فشلت في السيطرة على واحدة على الأقل، أو على الأرجح اثنتين، من هذه المحافظات، فإنها لن تتمكن من الاستمرار في حكم اليمن. ولا يمكن للحوثيين أن يحكموا من دون قاعدة دعم اقتصادية.

ومع اقتراب الحرب السعودية الحوثية من نهايتها وعدم سيطرة الحوثيين بعدُ على مأرب، يراهن الحوثيون على أنه بتوسيع نطاق الصراع في اليمن، وهذه المرة ضد الولايات المتحدة، يمكنهم في نهاية المطاف الاستيلاء على مأرب أو شبوة، أو كليهما.

ولهذا، لا يمكن ردع الحوثيين عن الصراع مع الولايات المتحدة لأنهم يرون أن الصراع مع الولايات المتحدة يصب في مصلحتهم.

ومن وجهة نظر الحوثيين التاريخية، فإن الجماعة لم تُهزم. لقد هزمت الحكومة اليمنية في عام 2010، وسيطرت على صنعاء في عام 2014، وحققت النصر في الحرب المحلية. ثم تفوقت على السعودية والإمارات في حرب إقليمية استمرت عقدا من الزمن. وهي الآن منخرطة في صراع دولي مفتوح مع الولايات المتحدة.

وكما هو الحال في حربهم مع السعودية والإمارات، لا يتعين على الحوثيين هزيمة الولايات المتحدة لإعلان النصر. والشيء الوحيد الذي يتعين على الحوثيين القيام به هو الاستمرار في إطلاق الصواريخ والطائرات من دون طيار على السفن التجارية في البحر الأحمر، وهو ما أظهروا أنهم قادرون على القيام به في المستقبل المنظور.

الرسائل الإخبارية

للاطلاع على آخر مقالات "موقع الندوة"، نرجو الاشتراك في خدمة جديد الندوة التي تصل إلى بريدكم الإلكتروني مباشرة من الموقع.