أمريكا ما عادت تقود لا من الأمام ولا من الخلف

 

الولايات المتحدة لا تقود، اليوم، من الخلف، كما كان الحال منذ عهد الرئيس أوباما، بل لا تقود أصلا.

وغياب طرف رئيسي قادر على التأثير في مجرى الأحداث في المنطقة يكشف الوضع الحالي للعالم، حيث لم تعد أي قوة قادرة على الهيمنة والسيطرة على مجرى واتجاهات الأحداث.

أمريكا، القوة المهيمنة في المنطقة، ولو فقط من خلال الدعم العسكري والمالي الحاسم الذي يقدمونه لإسرائيل، ما عادت تُغيَر مجرى الأحداث، إنها راضية بالحدَ من الحريق مخافة خروجه عن السيطرة.

ربما علينا، اليوم، أن ننسى تسميات الأحادية القطبية أو التعددية القطبية، منطقة "الشرق الأوسط" غير قطبية، لا أحد يأمر، كما كان في السابق، ولا أحد يقود.

روسيا والصين والهند وتركيا وإيران وغيرها، من القوى العظمى أو الوسطى، تسارع الزمن لصنع عالم جديد بعيدا عن الهيمنة الغربية والسطوة الأمريكية، وترى في كل هذا جزءا من الماضي، الممرات البحرية والبرية، سلاسل التوريد، توسيع مجال التحرك والمناورة، التمدد والتوسع، البحث عن موارد جديدة ووضع اليد عليها، ينشطون العقال من يد الولايات المتحدة.

ليس ثمة سكون ولا فراغ، والتراجع الغربي في إفريقيا والأمريكي في المنطقة تتنافس القوى لسدَه، في منطقة الساحل الإفريقي، على سبيل المثال، وفي خلال سنتين، امتد النفوذ الروسي بسرعة فاقت التوقعات، وهي الطرف الخارجي الأقوى تأثيرا في مالي، وبوركينافاسو، وتتسلل، شيئا فشيئا، إلى النيجر، دون الحديث عن شرق ليبيا وإفريقيا الوسطى وغيرهما، وإيران والهند وتركيا يتسابقون بحثا عن توسيع نطاق التأثير والنفوذ في مناطق كانت إلى وقت قريب تحت السيطرة الغربية.

ما يبدو اليوم هو أقرب إلى عالم جديد يتشكل بعيدا عن الفلك والتأثير الغربي، عالم القوى المتنافسة، الحديث عن القطبية جزء من الماضي، ليس ثمة قطب واحد ولا قطبان متصارعان، وإنما هي قوى تتنافس وتتزاحم ويدفع يبعضها بعضا أو تتكتل لتصنع بديلا عن عالم ما بعد الحرب الباردة.

 

الرسائل الإخبارية

للاطلاع على آخر مقالات "موقع الندوة"، نرجو الاشتراك في خدمة جديد الندوة التي تصل إلى بريدكم الإلكتروني مباشرة من الموقع.