ما وراء الإنزال الجوي!
- التفاصيل
- بواسطة المحرر
- الزيارات: 73
ليس ثمة تحرك "إنساني" بريء من الدول الراعية للحرب أو المتواطئة لإغاثة غزة، حتى ما بدا منها استعراضيا، كما هو الحال مع الإنزال الجوي.
وما قيل عنها مساعدات صارت تنزل فجأة بالطائرات بتنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي، أوعزوا للأردن باستفتاح العرض، ثم تبعته مصر، لتظهر أمريكا تحمسا لهذا الإنزال، بعد أن أنهكها نتنياهو وأعيتها الحيلة على إدخالها برا. في تضليل صارخ، ولحسابات انتخابية داخلية، وامتصاص لغضب عارم، توهم وشنطن المغفلين بأن "نتنياهو الشقي" عنيد، وبايدن يئس من مخاطبته ومناشدته، وما عاد له يد عليه، فلما ضاق البر، اتسع له الجو!
والكل يعلم أن واشنطن بإمكانها وقف المحرقة الصهيونية بتدخل حازم وحاسم، ولكن ليس ثمة إرادة، واستكمال مهمة تدمير غزة وعزلها رغبة الراعي والمتواطئ، وربما يتبين قريبا أن الجو بديلا عن البر تدبير مقصود وإن كان إذلالا ومهانة للراعي والمتواطئ.
وحتى الدبلوماسي الأمريكي السابق، روبرت فورد، المصدوم، لم يجد ما يفسر به إرسال الولايات المتحدة للمساعدات الإنسانية جواً إلى غزة، وهو ما ترفضه إسرائيل برا، إلا أنه "أسوأ إذلال تلقته الولايات المتحدة".
وأحد جوانب الخطورة في "الإنزال الجوي" أنها تضفي الشرعية وتدعم سياسة إسرائيل في التجويع الجماعي بوصفه واقعا غير مرغوب فيه، وإن كان من الممكن إدارة هذه السياسة التجويعية. وبهذه الطريقة، يمكن لإسرائيل أن تستمر في حرب الحصار والعقاب الجماعي، وتتولى الولايات المتحدة التخفيف عن عواقبها!
ويبدو أنه ما عاد خيار الجو ملاذا آمنا لدول تريد أن ترفع عن نفسها العتب وتدفع الحرج، ولولاها لما كان بوسع الكيان أن يرتكب كل هذه الجرائم على مرأى ومسمع العالم، بل ربما سياسة مُبيتة، لها ما بعدها.
وهنا، يتحدث بعض المراقبين عن مخطط لتغيير الواقع الجغرافي لقطاع غزة، لا أثر فيه لمعبر رفح، كأنه لا وجود له في الخريطة، وخنق كامل للمدينة، كأنها غارقة في البحر، لعزل غزة تماما عن العالم.