الاعتراف المُتستَر بالفشل

 

يبدو أن الهدف الجديد للاحتلال الصهيوني هو الانسحاب من غزة دون الاعتراف بأنه ينسحب من غزة. ستنتهي الإبادة الجماعية من دون ضجيج، هكذا يريدها الكيان، لماذا؟ لأن الدعوة إلى إنهاء "الحرب" تظل محفوفة بالمخاطر من الناحية السياسية الإسرائيلية، بل إن إعلان المسؤولية عنها يظل أكثر خطورة على الكيان.

ومُخططو الاحتلال  الذين دبروا الإبادة الجماعية يدركون الآن كوارث إسرائيل في غزة، والاستنزاف الذي ستلحقه بالاقتصاد الإسرائيلي في وقت يرفض فيه العالم مزاعم إسرائيل بشأن "مسؤولية حماس".

والقيادة العسكرية للكيان لا ترى أي مصلحة في احتلال غزة، ولذا، بدأت إسرائيل في الاستعانة بمصادر خارجية، للتنحي عن مسؤولياتها من خلال التلميح والإيماء، وهذا اعتراف متستر بالهزيمة. لقد فشلت إسرائيل في تحقيق أي من أهدافها المعلنة في غزة، وهي تأمل الآن ألا يلاحظ أحد ذلك.

 والدليل الآخر، هو استعمال القيادة العسكرية المفاجئ لمصطلح "الاستنزاف" لوصف الإستراتيجية الإسرائيلية في غزة. ويزعمون الآن أن المقاومة "مُنهكة"، وهذا تحول ملحوظ. وكان من المفترض أن تفوز إسرائي، إذ المقاومة هي التي ركزت على الاستنزاف وليس الاحتلال.

ويدل هذا التحول على اليأس السائد. إذا كانت إسرائيل قد وصلت بعد تسعة أشهر إلى "إرهاق حماس"، فهذه أكبر هزيمة شهدتها إسرائيل على الإطلاق. إذ إن استعمال كلمة "الاستنزاف" يعني أن الجيش الإسرائيلي يدرك الواقع جيداً ويستعد لتلقي اللوم عليه

 هل تتجه إسرائيل نحو لبنان؟ نشك في ذلك. جيش الكيان مُرهق ومُستنزف ومُحبط. ويدير حزب الله المواجهة بطريقة مدروسة وحذرة، معلناً أن الحرب في الشمال ستتوقف دون قيد أو شرط عند التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، غير آبه بالاحتلال وخياراته.

* إسرائيل تتفكك:

إسرائيل منقسمة إلى نصفين، وتتقاذفها حقيقتان متوازيتان: في إحداهما، يسير الاحتلال نحو الاستنزاف في غزة (ثم في لبنان). وفي الحالة الأخرى، تتفكك إسرائيل في معركة فوضوية بين التيارات والكتل وأمراء الحرب.

لا أحد يعتقد في الداخل الإسرائيلي أنهم على وشك النصر. ولا يوجد سياسي (في إسرائيل) لديه الشجاعة الكافية ليقول هذا. لقد فقد الكيان ثقة جمهوره بمستقبله السياسي، لكن تظل الإبادة الجماعية محل إجماع.

وهكذا، في حقيقة الموقف، يعترف الجيش الإسرائيلي منذ أسابيع بأنه فشل في مهمته الوهمية. وسفك الدماء والإبادة الجماعية مستمر لأن الدم الفلسطيني لا يستحق أي تكلفة في السياسة الإسرائيلية.

وأصبح من الواضح أن غزة ستكون خارج أيدي إسرائيل. لن يقبل أي طرف عاقل أن يتحمل المسؤولية عن غزة. كما أن الجيش الإسرائيلي لا يريد حربافي لبنان، إذ استنفد مخزونه، وجنوده مُنهكون.

الرسائل الإخبارية

للاطلاع على آخر مقالات "موقع الندوة"، نرجو الاشتراك في خدمة جديد الندوة التي تصل إلى بريدكم الإلكتروني مباشرة من الموقع.