اعترفت الإمارات، هذا الشهر رسميا للمرة الثانية في تاريخها، بنظام طالبان في كابول. وإذا كان هذا الاعتراف يمثل انتصارا دبلوماسيا كبيرا لطالبان، إلا أن الأسئلة لا تزال قائمة حول الأسباب وراء التواصل العلني الآن مع نظام طالبان من قبل أبو ظبي.
يعكس اعتراف أبو ظبي الرسمي بسلطة طالبان حقائق متعددة لا تزال قائمة على المستوى الإقليمي والأيديولوجي، وطالبان اليوم في وضع مثالي للاستفادة من هذه الشقوق الجغرافية السياسية.
تحركت طالبان على مدى الأشهر القليلة الماضية نحو تقديم المزيد من الوضوح للعالم بشأن موقفها، وقد منح هذا مساحة أكبر للدول لتطوير سياساتها الخاصة حول كيفية التعامل مع كابول في الأمد القريب والمتوسط.
وبالنسبة إلى جيران أفغانستان، فإن طالبان حقيقة واقعة، تحتاج إلى صياغة سياسية لمواجهة التحولات والتحديات القادمة. ولا يزال عديد من المحللين يعتقدون أن باكستان تظل جسرًا حاسمًا للتعامل مع طالبان. ومع ذلك، فإن اختلافات إسلام أباد مع طالبان تعني أن هذه الفرضية، التي سادت في بعض الدول، تحتاج إلى إعادة التفكير.
وأما الإمارات، فهناك قضايا أكثر إلحاحا وراء الاعتراف بنظام طالبان:
أولا، الأمن، وهو الجانب الأهم، فرغبة طالبان في تطبيع نفسها سياسيا تعتمد على وفائها بالتزاماتها الأمنية الإقليمية والدولية.
وهنا، مُهم التنويه إلى حقيقة القضاء على زعيم تنظيم القاعدة السابق أيمن الظواهري في كابول بضربة أمريكية في عام 2022 دون الإعلان عن خليفة له، قد تشير إلى تفعيل مستوى من النفوذ الذي تتمتع به طالبان مع القاعدة، والحدَ من أثرها وبصمتها العلنية.
ويُنظر، أيضا، إلى قتال طالبان ضد "داعش" خراسان في المنطقة على أنه ميزة إضافية، وورقة لا يُستغنى عنها.
ثانيًا، وجود موطئ قدم اقتصادي وسياسي قوي للإمارات في أفغانستان هو أيضًا جزء من لعبة القوة في المنطقة، وغالبًا ما تضع السعوديين والإماراتيين والأتراك والقطريين ضد بعضهم بعضا، في الصراع على النفوذ في كابول ما بعد أمريكا.
وأخيرا، بالنسبة لطالبان، فإن اشتداد المنافسة في هذا العصر بين القوى الكبرى يوفر لها فرصة وحرية الاختيار، وهذا يعني اللعب على كل الأطراف.
ولا تزال أفغانستان في حاجة إلى استغلال كل الأطراف، وتأمين سياستها من الجهات الفاعلة الخارجية، والاستفادة من حقيقة مفادها أن الغرب يعاني من مستوى مزمن من التعب والإرهاق من الحرب.