بالنسبة للمراقب، الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أنه لم يتم تسريب أي شيء. وكانت هذه القدرة على الحفاظ على السرية شرطا أساسيا لنجاح العملية. ربما هذا هو ما يثير الإعجاب حقا.
وهذا يدل أولا على فشل الاستخبارات الإسرائيلية، وهو ما لاحظه عديد من المراقبين، وتنفيذ العمليات المبتكرة يذهل المراقب أيضا. وبعيدا عما يحدث على الأرض، هناك أسطورة أخرى نجحت المقاومة في غزة في تدميرها: وهي أسطورة قوة إسرائيل العسكرية التي لا تقهر.
واختراق السياج الذي يتمتع بأفضل وسائل الدفاع والمراقبة على طول الحدود، والتوغل بهذا الحجم عندما تم الاستيلاء على المقر العسكري لفرقة الجيش التي تسيطر على غزة، يمثل أسوأ فشل تعاني منه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية في تاريخها.
حققت المقاومة الفلسطينية المباغتة الكاملة. لقد أصيبت وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الشهيرة 8200 ـوهي الوحدة القادرة على سماع كل المكالمات الهاتفية التي تجري في غزةـ بالصدمة، كما أصيب جهاز الأمن الداخلي الشين بيت.
يتساءل الإسرائيليون كيف أخطأ جيشهم إلى هذا الحد، إذ أفادت التقارير بنشر 33 كتيبة في الضفة الغربية المحتلة لحماية المستوطنين.
كل هذا أثار موجة صادمة بحجم تسونامي تجتاح أمة معتادة على أن تكون أسياد الأرض. ومرة أخرى، هم الذين يفترض بهم أن يفجروا المفاجآت، وليس من احتلوا أرضهم وديارهم.
ومن المؤكد أن المرحلة الثالثة من الحرب الإسرائيلية ستكون الأطول: وهي مرحلة صراع عميق الجذور، حيث تكون إسرائيل مهووسة باستعادة رهائنها، ومن الواضح أن هؤلاء الرهائن منتشرون في جميع أنحاء قطاع غزة، وبالنظر إلى عددهم، فإن هذا يعقد الهجوم الإسرائيلي المضاد.