يُقال إن العسكر الحاكم في النيجر غاضب من الاتهامات الأمريكية بعقد "صفقات سرية" مع إيران والشراكة مع روسيا. وقد علقت النيجر اتفاقا عسكريا مع الولايات المتحدة كان يمنح القوات الأمريكية قاعدة رئيسية ومنصة انطلاق في منطقة الساحل الإفريقي.
وتأتي هذه الخطوة، التي أُعلن عنها الأحد الماضي، في أعقاب خلاف حول علاقات النيجر مع روسيا وإيران، وقد أُثير عندما زار مسؤولون أمريكيون النيجر الأسبوع الماضي للتعبير عن مخاوفهم.
ويدير الجيش الأمريكي القاعدة الجوية 101 في نيامي عاصمة النيجر. بالإضافة إلى ذلك، تدير قاعدة جوية رئيسية، القاعدة الجوية 201، بالقرب من أغاديز، وهي مدينة تقع على بعد 920 كيلومترًا (572 ميلًا) جنوب غرب نيامي، وتستخدمها لرحلات المراقبة المأهولة وغير المأهولة وغيرها من العمليات في منطقة الساحل.
وتُعدَ النيجر مركز العمليات الأمريكية في غرب وشمال أفريقيا، ولا سيما في قاعدتها الجوية 201". ووجود قاعدة في منطقة الساحل مهم لعمليات واشنطن ضد الجماعات المسلحة في المنطقة، لكن الأهم بالنسبة لواشنطن هو استعراض القوة ضد منافسيها في المنطقة: روسيا والصين.
ومن وجهة نظر النيجر، فشل الوجود الأمريكي في البلاد في سحق أنشطة جماعات التمرد المسلح هناك. وفي الوقت الحالي، تظل منطقة الساحل، على الرغم من كل القوى الوافدة، أمريكية وفرنسية ومؤخرا روسية (فاغنر)، البؤرة المركزية للتمرد المسلح في العالم. وبعد طرد جيشهما من النيجر، تجري باريس وواشنطن مناقشات للحفاظ على قدرتهما على العمل في القارة.
وتدرك واشنطن وباريس أن الجزائر، وإن تراجع نفوذها في منطقة الساحل في السنوات الأخيرة، إلا أنه لا يمكن لأيَ طرف تجاوزها، لكن الموقف الجزائري رافض لزرع القواعد العسكرية الغربية على حدوده، ولا يمكنها (الجزائر) التكتل مع قوى غربية ضد المصالح والنفوذ الروسي في المنطقة، لأن السلطة الفعلية (في الجزائر)، خاصة قيادة أركان الجيش، تفضل موسكو على المحاور الأخرى، على الرغم من التنافر الأخير، وشعور أطراف في الحكم الجزائري أن الروس طعنوهم في الظهر عندما تحالفوا مع السلطة العسكرية في باماكو لاجتياح مدينة كيدال، عاصمة حركة الأزواد، في شمال مالي، العمق الإستراتيجي للصحراء الجزائرية.
وقد تغير وضع الجيشين الأمريكي والفرنسي في منطقة الساحل تماما. وأدت تغييرات الأنظمة في مالي وبوركينا فاسو والنيجر إلى طرد عسكريي كلا البلدين.
وفي هذا، قال رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال تشارلز براون، إن الولايات المتحدة تدرس خيارات أخرى في جميع أنحاء غرب إفريقيا لاستضافة القوات الأمريكية ودعم عمليات مكافحة الإرهاب بعد أن أمرت النيجر واشنطن بمغادرة البلاد. ولكن "المنافسة مع الصين وروسيا" هي الهدف الأول، قبل الحرب ضد التمرد المسلح.
لدى الولايات المتحدة، مثل فرنسا، قاعدة كبيرة في جيبوتي، وتفضل أن تكون مهتمة بقواعد ذات بصمة خفيفة، وفقا لمبدأ "البصمة الخفيفة"، مما يسمح، على سبيل المثال، بنشر طائرات من دون طيار مسلحة فضلا عن القوات الخاصة في إفريقيا.
ويفكرون في تثبيت هذه القواعد الجديدة في تشاد أو الجابون أو السنغال، كما يعتقد أوريليان دوشين، المستشار الفرنسي للشؤون الجغرافية السياسية والدفاع، الذي يرى أن "الأمر الأكثر إلحاحًا هو التحرك في تشاد".
وقد أغرى تفكيك القاعدة الأمريكية الفرنسية في مطار نيامي الدولي (النيجر) قبل الانقلاب، وكانت تنطلق منها الطائرات الفرنسية من دون طيار، الروس بالتسلل وملء الفراغ الإستراتيجي، ونسج خيوط تحالف جديد مع أحد أهم حلفاء الغرب، السابقين، في الغرب الإفريفي، النيجر، لكن وضع روسيا في الساحل لن يكون أحسن حالا من سابقيها، فرنسا وأمريكا.